استشراف المستقبل:
إحداث نقلة نوعية في عالم الجراحة بفضل التكنولوجيا.

جوناثان إم. موريس، المدير الطبي لوحدة النمذجة التشريحية: كثيرًا ما أردد أنه إن كانت الصورة تغني عن ألف كلمة، فالنموذج يغني عن ألف صورة. هذه الكلمات تلخص جوهر ثورة طبية محورها الأساسي هو المريض. لقد غيرت الطباعة ثلاثية الأبعاد ما يمكننا فعله للمرضى وكيفية القيام به. وفتحت آفاقًا جديدة للعلاج لم تكن متاحة من قبل. دخلت هذه التقنية المجال الطبي منذ نحو عامًا.

كانت قصة التوائم الملتصقة هي الشرارة الأولى التي أضاءت لنا درب الطباعة ثلاثية الأبعاد في المجال الطبي. فتاتان صغيرتان يلتصق جسديهما من البطن والصدر، وضعتا الجراحين واختصاصيي الأشعة أمام تحدٍ كبير لفهم تفاصيل تشريحهن الدقيقة من أجل فصلهما. فكان السؤال الملح هو: هل تتشارك الصغيرتان الكبد؟ أم الأمعاء؟ وفي غمار هذا التحدي، لمعت فكرة مبتكرة في عقول أحد الجراحين: ماذا لو صنعنا نسخة مادية من كبدهما؟ ثم توصلوا إلى فكرة طباعته بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد. كانت البداية متواضعة، فالنموذج الأول الذي حصلنا عليه من مصدر خارجي لم يكن يشبه الكبد كثيرًا. لكن هذا لم يوهن من عزيمتنا، بل دفعنا للتعاون مع قسم الهندسة لابتكار نماذج أولية أكثر دقة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد. وللمرة الأولى في تاريخ الطب، تمكن فريق من الجراحين من حمل نسخة طبق الأصل من كبد المريض بين أيديهم خارج الجسم. صار هذا النموذج حديث الساعة بين الجراحين من مختلف التخصصات. فبدلاً من الاعتماد على صور ثنائية الأبعاد، أصبح بإمكانهم مناقشة خطط العمل وهم يفحصون نموذجًا مجسمًا، الأمر الذي فتح آفاقًا جديدة في التخطيط للعمليات المعقدة. إن رسالتنا الأساسية هي تقديم أعلى مستويات الرعاية الطبية، وقد وجدنا في الطباعة ثلاثية الأبعاد أداة ثمينة لمواجهة المسائل الطبية المعقدة التي يأتي بها المرضى. لقد كان ذلك الكبد المطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد أشبه بحجر الأساس لما وصلنا إليه اليوم.

د. إريك جيه مور، خبير جراحة الرأس والعنق ورئيس قسم الأنف والأذن والحنجرة: لقد شهدنا تطورًا مذهلاً في مختبر الطباعة ثلاثية الأبعاد. فما كان في البداية مجرد غرفة صغيرة أشبه بالخزانة، أصبح اليوم يحتل الطابق السادس بأكمله من المستشفى. إنه لمشهد يكاد يفوق الخيال، فعندما تدخل المختبر، تجد نماذج كاملة للصدر مع القلب وجميع الأوعية الدموية يتم إنتاجها بدقة متناهية.

د. باسل شرف، جراح أسنان، ومتخصص في جراحة التجميل والترميم: نحن محظوظون بامتلاكنا واحدة من أفضل منشآت الطباعة ثلاثية الأبعاد في العالم، والتي نعتبرها جزءًا لا يتجزأ من نقطة الرعاية المباشرة للمريض. فهذه التقنية المتطورة متاحة داخل المستشفى فعليًا، وهذا باعتقادي ما يجعل مؤسسة مايو كلينك سبّاقة في هذا المجال.

د. بيتر إس روز، اختصاصي جراحة أورام العظام: أصبح مختبر الطباعة ثلاثية الأبعاد جزءًا لا يتجزأ من منشأتنا الطبية. بصفتي جرّاحًا، أجد نفسي أتردد عليه بين العمليات وخلال جولاتي التفقدية.

د. موريس: يمكنك رؤية الورم الضخم بوضوح، وملاحظة مدى التصاق الأوعية الدموية بمقدمته. صحيح.

د. روز: التحدي الأكبر في استئصال هذا الورم جراحيًا يكمن في الأوعية الدموية. ما الذي يكشفه النموذج عن علاقة الورم بالشريان الأورطي والوريد الأجوف؟

د. موريس: تسعون بالمائة من المرضى في مايو كلينك يخضعون لنوع من الفحص الإشعاعي. قد ينتج عن الفحص الواحد ثلاثة عشر ألف صورة، تغطي أربع مراحل مختلفة، مصورة الشرايين والأوردة والورم والحالب، وغير ذلك من المعلومات. يجب على أحد المهندسين تجزئة كل شريحة لإنتاج نموذج مطبوع ثلاثي الأبعاد. إننا ننتج حوالي ثلاثة آلاف نموذج سنويًا. لكل غرفة من غرف الطابعات وظيفة مميزة. فهذه الطابعة تعتمد على المسحوق في عملها وتبني النماذج طبقة فوق طبقة مع إضافة مسحوق جديد للطبقة تلو الأخرى، ما يؤدي إلى إنشاء جسم ثلاثي الأبعاد. تستخدم هذه الطابعات تقنية متطورة تشبه في عملها مسدس الغراء الساخن، إذ تصنع الأشكال ثلاثية الأبعاد بإضافة حلقات متتالية. هذه تقنية طباعة أخرى. تستخدم هذه الطريقة في الطباعة لإنتاج نماذج تشريحية ملونة بالكامل. وهي مفيدة بشكل خاص لإنشاء نماذج مفصلة ذات أجزاء صغيرة متعددة، مثل أوعية الشريان الرئوي، أو لتطوير وحدات تدريبية كهذه الشجرة الرئوية المفصلة مع جميع العقد اللمفية المرتبطة بها. غايتنا هي تخفيف معاناة المرضى. هذه التقنية تمكننا من تقديم رعاية أفضل لعدد أكبر من الناس.

د. ماريا بيريس سيلد، حاصلة على الدكتوراة، اختصاصية جراحة أعصاب: لقد كان من المفيد للغاية إزالة جزء من الجمجمة من الخلف في النموذج، ما سمح بعرض الورم بصورة أوضح. نعم تمامًا هكذا. كما أن إزالة الفقرة العنقية الأولى كانت خطوة ممتازة، حيث يتوافق ذلك مع النهج الجراحي الذي نعتزم مناقشته مع المريض. وهذا أمرٌ مفيد للغاية.

فلكل ورم خصائص مختلفة. فهذا الورم، على سبيل المثال، يقع في منتصف قاعدة الجمجمة، ما يجعل الوصول إليه مهمة معقدة للغاية. نحن نواجه خيارات متعددة للمقاربة الجراحية، بما في ذلك إمكانية الوصول عبر الأنف أو من الجانب. كان تحديد الأسلوب الأنسب لحالة المريض أمرًا بالغ الأهمية في هذه الحالة. تمكنتُ من لمس وتحسس الورم والتشريح المحيط به بالحجم الطبيعي. إن القدرة على ذلك قد أحدثت تحولاً كبيرًا في ممارستي الطبية.

المهندسة: ها هو النموذج ثلاثي الأبعاد. يمكنك ملاحظة امتداد الورم نحو مقدمة وجه المريض.

د. مور: لقد تحسن تخطيطنا بشكل كبير. فالنمذجة ثلاثية الأبعاد استبعدت التخمين تمامًا، ما جعل العملية أكثر دقة بكثير. في السابق، كانت العمليات تستغرق وقتًا طويلاً، حيث كنا نضطر لاستئصال الورم، وتنظيف الحواف، وتقييم العيب، وقياس عظم الشظية بأكمله قبل تكييفه. نأخذ الشظية، ونقطعها. ونرى إن كانت مناسبة أم لا. الآن، مع هذه النمذجة الدقيقة، يمكن لفريق الجراحة العمل بكفاءة أكبر - أحدنا يستأصل الورم بينما يقوم الآخر بتحضير الشظية المناسبة. في الواقع، نقطع العظم في موضعه بينما الساق لا تزال متصلة والأوعية الدموية لا تزال مرتبطة. هذا يعني أنه بمجرد استئصال الورم، تكون الشظية جاهزة للاستخدام مباشرة. ونتيجة لهذا النهج الرائع، يمكن للمريض أن يقضي وقتًا أقل على طاولة العمليات ويتلقى كمية أقل من السوائل الوريدية، ما يؤدي إلى تعافيه بسرعة أكبر بكثير.

د. ماريا بيريس سيلدا: كل نموذج يمثل حالة فريدة. لكنها ليست مجرد حالة مرَضية، إنه مريض له عائلة. علينا أن نفكر في مخاوفهم وقلقهم.

د. مور: يساعدنا النموذج على تحديد موضع الورم بدقة، فهو أشبه بخريطة تفصيلية ثلاثية الأبعاد. هذه الدقة تتيح لي وللدكتور برايس قطع الأجزاء المطلوبة بدقة كبيرة.

د. دانيال إل برايس، جراح الرأس والرقبة: هكذا سنعيد بناء المنطقة. سنقطع عظمة ساقك ونشكلها لإعادة بناء عظم فكك، ثم نضع ثلاث غرسات للأسنان، ما يمكنك من المضغ مجددًا.

المريض: نعم. لم يبد ذلك لي مريحًا في البداية. تزيلون سبعة أسنان وتعيدون لي ثلاثة فقط.

د. روز: يواجه المرضى شكوكًا كبيرة غالبًا، ما يؤدي إلى شعورهم بالقلق. العديد من المرضى المحالين إلينا لديهم أورام نادرة وقد لا يفهمون حالتهم بشكل كامل. إن القدرة على استخدام نموذج يعرض تشريحهم الدقيق يمكن أن يكون ذا قيمة لا تقدر بثمن لبناء الثقة والراحة أثناء مضيهم قدمًا في علاج ورم نادر.

زوجة المريض: هل يمكنني رؤية المنتج النهائي؟

د. برايس: هذه هي عظمة ساقه هناك.

د. شرف: إن عرض صورة التصوير المقطعي المحوسب أو الرسم التخطيطي لَهو نهج متبع، غير أن استخدام النماذج ثلاثية الأبعاد يرتقي بالتواصل إلى مستوى جديد كليًا. فعندما يرى المريض النموذج ثلاثي الأبعاد المطبوع لحالته، يتيح لنا أن نبين له بدقة: هذا هو الإجراء الذي سنجريه لك. وهذه هي العظام التي يتعيَّن علينا نقلها. وهذا هو الترتيب الذي نسعى إلى تحقيقه. وذلك النهج يعزز فهمَ المريض ووضوح رؤيته فيما يتعلق بإجراءات علاجه.

زوجة المريض: ذلك النموذج مذهل. أن نتمكن من رؤية كل تلك التفاصيل بهذا الوضوح، لهو أمرٌ يفوق التصور.

د. مور: نعم، أليس ذلك مدهشًا؟

د. إيه نويل لارسون، اختصاصية جراحة تقويم عظام: أهلاً أوليف، كيف حالك؟ في كل مرة أدلف فيها إلى غرفة العيادة، ألقى عائلةً تنتظرني بأمل وافر أن أتمكن من مساعدة طفلهم. يبدو أن انحناء عمودك الفقري قد ازداد قليلاً خلال الأشهر القليلة الماضية، لذا يسرني حقًا أننا حددنا موعدًا لهذا الأمر. إنه يتطور إلى نوعٍ من الجَنَف قد يسبب مشكلاتٍ في مراحل لاحقة من الحياة. أخبر مرضاي دومًا أن مايو كلينك تمتلك مجموعة متكاملة من الموارد، ما يتيح لنا الاستفادة من المعرفة والأساليب والتقنيات لإجراء عمليات جراحية قد تكون مستحيلةً في أماكن أخرى. لقد كانت مايو كلينك رائدةً على مستوى الولايات المتحدة في هذا المجال. أثناء وضعك تحت تأثير التخدير، سنُجري شقًا على ظهرك يمتد من الأعلى إلى الأسفل على هذا النحو. ثم نُزيح العضلات جانبًا ونثبت القضبان والبراغي على الظهر. بعد ذلك، نربط البراغي بالقضبان ونسحب العمود الفقري إلى وضعٍ أكثر استقامة.

إننا نتعامل مع حالاتٍ فريدة، فلكل مريضٍ تشوهٌ يكاد يختلف عن كل طفلٍ آخر في العالم. لذا، فإن توفر نموذج مخصص أمرٌ بالغ الأهمية. في نهاية العملية، نعمد إلى تخشين سطح العظم، وهذه الخطوة تحاكي حدوث كسرٍ في العظم. هذه المحاكاة تُحفِّز الجسم على نحوٍ طبيعي، فيستجيب بإطلاق سلسلة متكاملة من عمليات التئام العظام. وهكذا، تلتحم جميع المناطق التي تغطيها القضبان بصفيحةٍ صلبةٍ من العظام.

د. روز: إن النمذجة ثلاثية الأبعاد القابلة للتخصيص ذات فائدة لا تُصدَّق في إجراء العمليات للأطفال الصغار. ففي الفحص الإشعاعي، تبدو كل صور الأشعة المقطعية متماثلة الحجم. لكن الواقع يُظهر اختلافًا كبيرًا في تشريح الأطفال. وهنا يبرز دور النموذج ثلاثي الأبعاد المطبوع للطفل، إذ يتيح لك تصورًا حقيقيًا للتشريح الذي ستتعامل معه.

د. موريس: مع توسُّعنا في تطبيقات الطباعة ثلاثية الأبعاد السريرية، أتانا الجراحون يطلبون وسائل محاكاة. ولكن تبين لنا أن هناك حدودًا لمستوى الدقة الذي يمكننا بلوغه. حينها أدركتُ حاجتنا إلى شخصٍ يمتلك مهارات صنع الوسائل ذات المؤثرات الخاصة في الصناعة، المتمرسٍ في صب اليوريثان، وقولبة السيليكون، وطلائه، والصب المباشر. في مؤسسةٍ تضم سبعين ألف موظف، لم يكن هناك توصيف وظيفي لمهندس مؤثرات خاصة. لكننا حظينا بانضمام كريستيان هانسون، الذي عمل سابقًا في صناعة المؤثرات الخاصة. ومنذ ذلك الحين، شرعنا في صنع هذه المحاكيات المخصصة بدقةٍ عالية.

كريستيان هانسون، مهندس محاكاة: منذ نعومة أظفاري، كان شغفي منصبًا على المؤثرات الخاصة. فمنذ أيام الدراسة الثانوية، انغمست في عالم مؤثرات المكياج، متعرفًا على فنون النحت، مقتنيًا الكتب التي تشرح صناعة الأقنعة والمكياج الاصطناعي وما شابه. كنت أمتلك جماجم بلاستيكية في صباي، أتأملها بشغف. لقد كان قلبي معلقًا دومًا بعالم مؤثرات المكياج، فهو ما أثار شغفي حقًا. في عملي، أسعى جاهدًا لإضفاء أقصى قدر من التفاصيل والواقعية. أحرص على تحسين محاكاة نوعية الأنسجة، ومظهر الدهون والعضلات. هذا النموذج مثال بارز على توظيفنا للطباعة ثلاثية الأبعاد بألوان كاملة والرسم الرقمي لمحاكاة السطح الواقعي للتجويف الصدري من الداخل. إنه مزيج بين الواقعية البصرية ومحاولة محاكاة حركة الأنسجة وملمسها. معظم نهجنا هذا لا يتبع طريقة موحدة في بناء النماذج. لذا، نحن نبتكر أساليبنا أثناء العمل، ساعين لتوسيع حدود الممكن.

د. موريس: هذا جلدٌ مصبوبٌ من السيليكون يستقر داخل قاعدة مطبوعة ثلاثية الأبعاد. الجزء الخارجي منه هو ما سيراه الجرَّاح الممارس. سيُجمَع على هذا النحو، ثم يُوضع داخل ذلك التجويف. ما سيشاهده الجرَّاح هو أن هذا كله سيكون مغطى بالمناشف. ثم سيصل الجرَّاح إلى التجويف الصدري وسيتعين عليه إيقاف النزف أو معالجة صدمات رئوية أخرى صممنا هذا النموذج من أجلها.

د. برايس: لدينا هنا أداة تدريب لخياطة وعاءين دمويين معًا. من الضروري أن نتقن هذه العملية بشكل مثالي عند إجرائها في غرفة العمليات. وأفضل سبيل لتحقيق ذلك هو اكتساب خبرة واسعة. وبهذه الأدوات، يمكننا اكتساب قدر هائل من الخبرة دون أي مخاطر من خلال ممارسة هذه الإجراءات.

د. مور: نحن ننفذ برنامج محاكاة سنويًا مع الأطباء المقيمين الجدد. سيتمرن الجرَّاح ويتقن الجراحات ربما مائة مرة قبل أن يُجري فعليًا تلك الجراحة على جسم إنسان.

د. برايس: أمنح نفسي درجة متوسطة نظرًا لوجود انحناء طفيف هنا. أما أنت، فتستحق درجة ممتازة لتطابق أطوال الغرز تقريبًا. نستعد لاستقبال مريض يعاني من ورم استبدل معظم فكه العلوي. سنستأصل الورم، ما يتطلب إزالة نصف الفك العلوي. وسنعيد بناء الجزء المفقود باستخدام عظم من الساق، حيث سنشكله ليحاكي عظم الفك العلوي. لضمان تغذية العظم المنقول، سنربط الشريان القادم من الساق بشريان في الرقبة. هذه الأداة التدريبية تحاكي هذا الجزء، وهو أمر حاسم لنجاح العملية.

د. ماريا بيريس سيلدا: أتوقع أن تصبح الطباعة ثلاثية الأبعاد أكثر شيوعًا. فذلك سيسهم في تقدم العلوم الطبية، خاصةً في مجال جراحة الأعصاب. هناك نتائج أفضل دائمًا. وهذا هو هدفنا النهائي. فهدفنا جميعًا هو تحقيق أفضل النتائج لمرضانا. هذا هو النموذج الذي رأيناه قبل الجراحة. وهذا هو الورم الذي استأصلناه.

المريض: يسهِّل هذا النموذج فهم الوضع بدقة. وهو أمر يصعب تخيله من مجرد النظر إلى صور الرنين المغناطيسي. نعم، كانت مشاهدة النموذج مفيدة حقًا. إنه مثير للإعجاب لأنه سمح لنا بتصور كل شيء - موقع الورم وحجمه. لقد ساعدني في وضع الأمور في منظورها الصحيح، وجعل الوضع أكثر واقعية.

د. ماريا بيريس سيلدا: هذا هو الورم الذي رأيناه في النموذج. وبعد استئصال الورم، نلاحظ كيف توسع الحبل النخاعي وقاع الدماغ بشكل ملحوظ.

المريض: أشعر بتحسن كبير. إنه أمرٌ مدهش. وأنا الآن على طريق التعافي. لقد تجاوزت بالتأكيد المرحلة الأصعب، وأعتقد أن استئصال الورم كان خطوة أساسية. والآن هي مسألة وقت للتعافي والعودة إلى الحياة الطبيعية.

د. موريس: منذ تجربتنا مع التوأمين الملتصقين، يصعب تصديق حجم التقدم الذي أحرزناه والوقت الذي مرَّ. نشهد نموًا متسارعًا. ومع هذا النمو، برزت الحاجة إلى توسيع نطاق عملنا، سواء من حيث المساحة أو القوى العاملة. استجابةً لهذا التطور، أنشأنا مركزًا إضافيًا للطباعة ثلاثية الأبعاد في جاكسونفيل. هذا التوسع يمكّننا من تعزيز قدرتنا على تقديم الرعاية الطبية المتقدمة. ومن المثير للاهتمام أن نرى مناطق أخرى من البلاد تطبق الآن نفس التقنيات والممارسات التي نطبقها في روتشستر.

روبرت إيه. بولي، حاصل على الدكتوراة، اختصاصي فيزياء طبية، والمدير الفني لوحدة النمذجة التشريحية: هذه هي وحدة النمذجة التشريحية بمايو كلينك فلوريدا. إننا نتعاون مع الأطباء والجراحين واختصاصيي الأشعة. هذه التقنية متقدمة للغاية وغير متوفرة في كثير من الأماكن على مستوى الولايات المتحدة.

د. كينجسلي أوه أبودي-إيمه، جرّاح أعصاب: لنتفحص شدة الانحناء الجانبي للعمود الفقري. هذا المريض خضع سابقًا لعملية اندماج فقري، ويمكننا ملاحظة نمو هذه العظمة الصلبة هنا في الخلف. إن القدرة على رؤية تفاصيل غير مرئية في التصوير التقليدي تمنحنا الثقة اللازمة للتعامل مع الحالات الأكثر تعقيدًا. هذه التقنيات أصبحت جزءًا من ممارساتنا اليومية.

جيفري آر. جانوس، جرّاح سرطان الرأس والرقبة، رئيس قسم الأنف والأذن والحنجرة: كلما تحسنت الخدمة التي نقدمها للمرضى، تحسنت الرعاية التي يحصل عليها المريض. وبفضل هذه التقنية، أصبح الأمر قابلاً للقياس. وعندما يتطرق الأمر إلى الطب الأكاديمي، فلا بد أن نفكر في تخريج أجيال جديدة من الجراحين. فهذه التقنية لا تقتصر على الطباعة ثلاثية الأبعاد فحسب، بل تشمل التقييم والأدوات ثلاثية الأبعاد. هناك إمكانات هائلة للتعليم في الفضاء الافتراضي.

د. موريس: الواقع الافتراضي يتيح إنشاء بيئات تعليمية متنوعة. ولدينا القدرة على بناء بيئات محاكاة، من متاحف افتراضية إلى محاكاة للإجراءات الجراحية المختلفة التي تتيح للأطباء التدرب على مجموعة متنوعة من الأساليب الجراحية. إن جراحة قاعدة الجمجمة العصبية تتطلب منحنى تعلم حادًا. كان من المعتاد التعلم من خبراء مثل الدكتورة ماريا بيريس سيلدا أو غيرها من جراحي قاعدة الجمجمة، يتطلب التواجد الفعلي بالقرب منهم. نحن نعمل في مايو كلينك على تطوير بيئات غامرة لتسريع عملية التعلم.

د. مور: الطب والجراحة من الفنون التي تحتاج إلى تأهيل وممارسة متكررة. تخيل كيف يمكن تسريع هذه العملية التعليمية من خلال الممارسة الافتراضية المكثفة. وأعتقد أن هذا سيُحدث ثورة في أساليب تعليم الجراحة.

د. موريس: يقدم التصوير المقطعي المحوسب التقليدي صورًا للجسم شريحة تلو الأخرى. ما قمنا به هو دمج هذه الشرائح لإنشاء نموذج ثلاثي الأبعاد. هذا النموذج يمثلك، يظهر ذراعيك وهيكلك العظمي. وخلف كتفك، ترى المنطقة الخضراء التي تمثل موضع الورم.

د. شرف: الواقع الافتراضي والواقع المعزز يمثلان مستقبل الجراحة، وسيكون للذكاء الاصطناعي دور محوري في هذا المجال.

د. موريس: لدينا حالة لفتاة تبلغ 13 عامًا، تعاني من انحناء متفاقم في العمود الفقري يتسارع على مدار أربعة أشهر. في السابق، كان إنشاء نموذج لهذه الحالة يتطلب من الفني تلوين كل عظمة على حدة يدويًا. ولكن الآن، وبفضل هذه الخوارزمية القائمة على الذكاء الاصطناعي، فلا يقتصر الأمر على تحديد العظام فحسب، بل يتعدى ذلك إلى وسم كل عظمة تلقائيًا. أصبح بإمكاننا تحويل الفحص إلى نموذج كهذا في غضون أربع دقائق تقريبًا. الخطوة التالية بعد تحديد العظام وتسريع عملية إنشاء النماذج ثلاثية الأبعاد ستكون تطوير خوارزميات تنبؤية.

د. شرف: لنتخيل حالة كسر في تجويف العين على الجانبين. حالة معقدة يكون فيها كل شيء محطمًا. في مثلِ هذه الحالة، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يخبرنا بما ينبغي أن تكون عليه الحالة. إنه أفضل وسيلة محاكاة تشريحية للكسر الذي نتعامل معه، حيث يمكننا عمل طباعة ثلاثية الأبعاد له. هذا التطور قد يُحدث ثورة في عمليات إعادة بناء الوجه المعقدة.

د. روز: هل ستكون الخطوة التالية هي الطباعة الحيوية بدلاً من الغرسات التقليدية؟ هل سنتمكن من دمج مضادات حيوية مع الغرسات؟ هل سنتمكن من دمج العلاج الكيميائي مع الغرسات؟ أعتقد أن هذه المجالات ستشكل حدود أبحاثنا المستقبلية.

د. موريس: لقد أصبحت هذه التقنية أداة أساسية لكل جرَّاح، مُمكِّنةً إياهم من إنجاز إجراءات لم تكن ممكنة سابقًا. خلال العقد الماضي، كان جزء من مهمتي نشر الوعي بإمكانات الطباعة ثلاثية الأبعاد في الطب. هدفنا يتجاوز خدمة مرضى مايو كلينك إذ نعلم أن أغلب المرضى لن يتمكنوا من القدوم إلى هنا. وما لم نكن نمدُّ يدَ العون للناس في شتى أنحاء العالم، فإننا لن نُحدث في حياة المرضى ذلك الأثرَ الذي نعتقد أن هذه التقنيةَ قادرةٌ على إحداثه. تتماشى هذه التقنية مع رسالة مايو كلينك التي تضع مصلحة المريض فوق كل اعتبار. إننا نسعى جاهدين لتحقيق ما هو أصلح للمريض. في النهاية، كل جهودنا - سواء الجراحون، والأطباء، والتقنيون، والمبتكرون - تصب في مصلحة المريض.

كشف أسرار الجسم

تمنحنا قدرات الطباعة الطبية ثلاثية الأبعاد فرصة ذهبية لفتح أبواب التعاون على مصراعيها بين اختصاصيي الأشعة والجراحين. هذه التقنية تمكنهم من سبر أغوار الجسد واكتشاف دروبه الخفية قبل أن تلمس أيديهم أدوات العمل. إنها بمثابة عصا سحرية تلمس حياة عدد غفير من المرضى، إذ ترتقي بكل عملية جراحية لتصبح لوحة فنية أكثر دقة وكفاءة ونجاحًا - سواء كانت لإعادة بناء ملامح الوجه أو مسالك الهواء، أو جراحة القلب، أو جراحة الدماغ، أو جراحة الرئة، أو إعادة بناء المفاصل، أو استئصال الأورام من جذورها.

المريض هو محور اهتمامنا. لقد غيرت الطباعة ثلاثية الأبعاد ما يمكننا فعله للمرضى وكيفية القيام به. وفتحت آفاقًا جديدة للعلاج لم تكن متاحة من قبل.

د. جوناثان إم موريس
المدير الطبي لوحدة النمذجة التشريحية

تقنية بلمسة شخصية.

نماذجنا التشريحية ثلاثية الأبعاد هي انعكاس فريد لصور جسدك، سواء كانت هذه الصور ناتجة عن التصوير المقطعي المحوسب أو التصوير بالرنين المغناطيسي. قبل طباعة هذه النماذج، كان اختصاصيو الأشعة يجرون الفحوص باستخدام برمجيات متطورة لإنشاء نموذج افتراضي ملون لكل نوع من الأنسجة أولاً. ثم تأتي مرحلة الطباعة، إذ تُستخدم تقنية طباعة واحدة أو أكثر لطباعة نموذج ثلاثي الأبعاد بالحجم الطبيعي لتشريح جسدك، طبقة تلو الأخرى. بهذه الأداة السحرية، نستطيع أن نركز جهودنا على تحقيق أفضل النتائج المصممة خصيصًا لك ولحالتك الفريدة.

تعرَّف على الخبراء

بترتيب ظهورهم في الفيديو

هل تحتاج إلى رعاية؟

ابحث عن اختصاصي في فروعنا بولايات مينيسوتا وأريزونا وفلوريدا.

استكشف المزيد

ابق على تواصل معنا.

اشترك للحصول على مقاطع فيديو ومقالات وأفكار من الأطباء والفِرَق في مايو كلينك.

بتقديمي عنوان البريد الإلكتروني، فإنني أوافق على شروط الاستخدام وسياسة الخصوصية