في هذا الصدد، يقول الدكتور ستورم: "لعل من الفوائد الرئيسية لهذا الإجراء هو أننا لا نحتاج في كثير من الأحيان إلى وصف أدوية الألم للتعافي. لذلك فإنه يحنب الناس التعرض لخطر تناول مسكنات الألم أيضًا. وتكون نفقات العملية التنظيرية غالبًا أقل بكثير من حيث وقت التعافي وتكلفة الإجراء نفسه. كما يمكننا تقديم الكثير من الفوائد الملموسة للمرضى من خلال التنظير الداخلي".
نشأ الدكتور ستورم في مدينة لويسبورغ بولاية كارولينا الشمالية، وكان شغوفًا دائمًا بالعلم والمعرفة، فقد تربى في كنف أسرة طبية لها تاريخ طويل في هذا المجال. يقول الدكتور ستورم: "لقد كان جدي لأبي وجدي لأمي أطباء، وكان والدي طبيبًا، كما اختار ثلاثة من أشقائي مهنة الطب. ولكن الأمر الذي حقًا أشعل الإلهام في داخلي ودفعني لمتابعة المسيرة في مجال الطب هو العمل التبشيري الطبي الذي كان يمارسه والداي في الخارج، وهو ما منحني الفرصة لمعاينة التأثير الحقيقي الذي يحدثونه في حياة الناس".
ويضيف: "خلال فترة التدريب، قدِمتُ إلى مايو كلينك في عام 2017 للالتحاق ببرنامج الزمالة لمدة عام واحد. إنه أفضل مستشفى في الولايات المتحدة. وكانت لدي توقعات مثيرة بأنها ستكون مغامرة رائعة لي ولعائلتي. وفي غضون الأشهر الستة الأولى، اتضح تمامًا مدى التميز الذي يتمتع به هذا المكان". وها هي ست سنوات تقريبًا قد مضت على التحاقه بهذا البرنامج الذي كان من المقرر له أن يستمر لمدة عام واحد فقط. ويقر أنه قد يبدو تصريحًا مألوفًا أن يُقال إن مكان العمل سيعاملك كأحد أفراد العائلة. ويضيف: "مايو كلينك ليست مكانًا للعمل فحسب، بل مكان للعلاج والشفاء
والابتكار. ويواصل قائلاً: "في مايو كلينك، هناك حاجة ملحة لإيجاد طرق جديدة لعلاج المرضى. ولدينا وقت مخصص يسمح لنا بتطوير هذه الأدوات والإجراءات الجديدة. لدينا علاقات مع الشركاء في القطاع تسمح لنا بنمذجة الإجراءات والأجهزة الجديدة وإجراء اختبارات سريعة لها. فالسرعة التي يمكننا بها الانتقال من مرحلة البحث إلى مرحلة التجربة إلى مرحلة الاستخدام السريري لا مثيل لها".
ويقول أيضًا: "من الإجراءات التي أشعر بالحماس تجاهها، إجراءٌ يتيح لي علاج المرضى الذين يعانون من انسداد في الأمعاء. يمكننا في الواقع تجاوز الانسداد عن طريق إنشاء وصلة جديدة بين المعدة والأمعاء الدقيقة بتوجيه من الموجات فوق الصوتية. كل ذلك دون جراحة".
فالسرعة التي يمكننا بها الانتقال من مرحلة البحث إلى مرحلة التجربة إلى مرحلة الاستخدام السريري لا مثيل لها".
ويضيف الدكتور ستورم: "لعل من قصص المرضى المفضلة لديّ أن شابًا أُصيب بورم سرطاني سبب له انسدادًا في الأمعاء الدقيقة. كان علاج السرطان ممكنًا، ولكن بسبب الانسداد لم يتمكن المريض من تناول الطعام ومن ثم لم يستطع تلقي العلاج. كان محبطًا للغاية قبل الجراحة لدرجة أنه لم يرغب في التحدث إليّ. ولكننا استطعنا تجاوز الورم باستخدام هذا الإجراء. ذهبتُ لرؤيته بعد ذلك، وكان يشرب كوكاكولا، وتكسو وجهه ابتسامة عريضة. بعد الإجراء، بدأ تناول الطعام وذهب إلى المنزل في نفس اليوم. وهو الآن قد شُفي من السرطان وعاد إلى فريق المصارعة الذي ينتمي فيه".
ويضيف: "بالرغم من رغبتي الشديدة في ذلك، إلا أنه ليس بالإمكان تحقيق كل شيء عن طريق التنظير الداخلي. ولكن فريقنا هنا في مايو كلينك قد نجح على مر السنين في تحقيق المستحيل وتحدي الصعاب وتجاوز تحديات كثيرة زعم آخرون أنها غير ممكنة. ففي مجال اطب السُمنةختصاصي مثلاً، نستطيع الآن تنفيذ إجراءات علاجية لمعالجة السُمنة أو إنقاص الوزن باستخدام تقنية التنظير الداخلي. والجدير بالذكر أن المرضى يتمكنون من العودة إلى منازلهم في نفس اليوم. في الأيام الأولى لظهور إجراءات التنظير الداخلي، أبدت معظم المستشفيات تترددًا ورأت أن هذه العملية تشكل خطورة على حياة المرضى. ولكن ماذا لو كان هذا العلاج مناسبًا للمرضى، وفعالاً وأكثر أمانًا؟ فمن المؤكد أننا سنلجأ إليه. وقد أصبح الآن إجراءً معتمدًا وشائعًا.
حتى مع كل هذه التطورات التقنية، يضع الدكتور ستورم مصلحة المريض وراحته في صدارة اهتماماته. يقول: "لقد تعلمت في كلية الطب ضرورة المحافظة على مسافة مهنية بيني وبين المرضى. ولكن المرضى يأتون إلينا للحصول على إجابات. يريدون أن يعرفوا ماذا سأفعل إذا كنت في نفس الموقف، أو إذا ما كنت سأقدم هذا العلاج لوالدتي أو ابنتي. تقديم الرأي هو جزء حاسم من أسلوبي العلاجي، وهو إحدى وسائل التواصل مع المرضى".
ويرى الدكتور ستورم أن العلاج الناجح ينبغي أن يستند أولاً إلى التواصل الجيد والاحترام المتبادل بين الطبيب والمريض. يقول: "أهم جزء في ممارسة عملي هو طمأنة المريض والتأكد من فهمه لطبيعة الإجراء الطبي المقترح. وأدعوه وأسرته لمناقشة خطة اليوم وما يمكن توقعه أثناء فترة التعافي. ثم نلتقي مرة أخرى بعد الإجراء الطبي لضمان حصول الجميع على معلومات مباشرة عن نتائج الإجراء ومناقشة الخطة الشاملة للخطوات المقبلة. الخوف يشبه الدخول إلى مكان مظلم لا نعلم ما بداخله. أعتقد أن المعرفة هي الضوء الذي يتيح لك التخلص من تلك المخاوف".
الخوف يشبه الدخول إلى مكان مظلم لا نعلم ما بداخله. أعتقد أن المعرفة هي الضوء الذي يتيح لك التخلص من تلك المخاوف".
يضيف قائلاً: "بالتأكيد، هناك دائمًا مخاطر عند محاولة شيء جديد، ولكن هذا هو المجال الذي تبرز فيه مايو كلينك. فلا شيء يعدل رؤية مريض يأتي إلى مايو كلينك يشعر باليأس وقلة الحيلة لطمأنته بأن حالته ليست بهذا السوء، وأن لدينا الكثير من الفرص لمساعدته. هذا ما يجعلني أشعر بالكثير من الرضا على المستوى الشخصي والمهني".
كيف يبدو المستقبل؟ ويضيف: "بعد عشرين عامًا من الآن، آمل أن يكون لدينا خيار لتقديم هذا الإجراء للمرضى وهم في منازلهم، لنتمكن من الوصول إلى المزيد من المرضى في جميع أنحاء العالم. وآمل أن نتمكن من تقديم المزيد من الإجراءات عن طريق التنظير الداخلي. فحتى لو فقدت وظيفتي بسبب القدرة على القيام بإجراءات طبية باستخدام الروبوتات التي لا تتطلب تدخلاً بشريًا، فإنني أرى ذلك انتصارًا كبيرًا للمرضى."
ينبع الدافع المستمر للدكتور ستورم للمضي قدمًا في أبحاثه وابتكاراته من رغبته المستمرة في استكشاف تلك الفرص الجديدة في مجال الطب. وهو يفسر ذلك قائلاً: "أتميز بطبيعة متمردة، فأتذكر أنني طُردت من الصف بسبب التشكيك في المعلومات التي يقولها المعلمون. فمتى زعم شخص أنه لا يمكن القيام بشيء ما، فهذا يدفعني إلى التشكك على الفور".