عندما نفصل بين العقل والقلب، فإننا نبدأ في فقدان إنسانيّتنا."

يقول دكتور بورشيل: "أنا الآن في مرحلة من حياتي ومسيرتي المهنية أعترف فيها بالارتباط بين القلب والعقل في عملي. إن التدريب الطبي يعلّمكم الفصل بينهما، وألا تحتكموا إلى قلوبكم أثناء الفحوص السريرية. للأسف؛ عندما نفصل بين العقل والقلب، نبدأ في فقدان إنسانيّتنا."

يُدرك دكتور بورشيل أنه عندما يتعلق الأمر بعلاج القلب، فإن الإنسانية هي ما يلتمسه مرضاه. "لقد تعلمت مبكرًا كيف أصير قويًا، وهذا يحميني بصورةٍ ما. فهناك خطورة في الانفتاح والتواصل اعتمادًا على الارتباط بين القلب والعقل. لكننا نحتاج إلى أن نتفاعل على هذين المستويَين معًا إذا كنا نرغب في تقديم رعاية تلبي احتياجات مرضانا الحالية."

يعالج دكتور بورشيل المرضى المصابين منذ ولادتهم بمرض خلقي في القلب أو الذين وُلدوا بعيوب ذات صلة بالقلب. ويقول: "حتى لو كان المرضى قد خضعوا للجراحة أو غيرها من التدخلات، فإننا نقول إنهم قد عولجوا ولا نقول إنهم قد شُفوا، فهُم يحتاجون إلى الرعاية مدى الحياة. وفي مرحلة البلوغ، نبدأ في ملاحظة مضاعفات متأخرة؛ أهمها فشل القلب."

للأسف، إن الإرشادات المتعلقة بفشل القلب مكتوبة للمصابين بفشل القلب لا للبالغين المصابين بأمراض خلقية في القلب. والأمر ذاته ينطبق على الإرشادات المتعلقة بأمراض القلب الخلقية لدى البالغين، التي لم تُكتب للمصابين بفشل القلب. يقول دكتور بورشيل: "نحتاج إلى استحداث أسلوب جديد تمامًا لتقديم الرعاية لليافعين الذين يكونون غالبًا في ريعان شبابهم والذين ظلّوا يتمتعون بمرونة كبيرة في التعايش مع مرض القلب الخلقي، لكنهم الآن يواجهون آخر تحدٍّ لهم؛ وهو فشل القلب."

يقول الدكتور بورشيل إنه فور أن يشخّص حالة ما "تتبلور الأمور فجأة أمام ذلك الشخص وتأتي عليه لحظة يقول فيها لنفسه إنه ليس مجنونًا. يعاني الكثير جدًا من مرضاي من حالات فريدة يصعب تشخيصها وفور تشخيص تلك الحالات أخيرًا، يكونون بحاجة إلى فرق رعاية فريدة من نوعها، وأنواع فريدة من الجراحات في بعض الحالات". وأخيرًا يضيف: "لا يكون علاج أولئك المرضى هو مجرد الجراحة، وإنما التأكيد على أن ألم الصدر الذي كانوا يشعرون به منذ سن السابعة كان حقيقيًا، وأننا توصلنا إلى حل له."

"أعتقد أن ما جاء بي هنا هو تاريخ العلاجات الرائدة والقيمة الأساسية التي تنص على وضع احتياجات المريض على رأس قائمة الأولويات."

من الأمور الأخرى التي يراها دكتور بورشيل مثيرة للحماس؛ أهمية الصوت. فيقول: "كان زملائي ينظرون الصوت باعتباره علامة حيوية خاصة بالقلب. فبناءً على مجرد صوت شخص ما، يمكن التحديد بدرجة شديدة من الشك أنه قد أصيب بمشكلة جديدة في نظم القلب. بل يمكنك اعتبار الصوت بمثابة بصمة يمكننا تتبعها بمرور الوقت، ووسيلة يمكن استخدامها لتحديد الحالة الصحية العامة للقلب."

يضيف دكتور بورشيل: "لم أكن أتخيّل أبدًا في سنوات نشأتي أنني قد أشرُف بالعمل في مايو كلينك. "أعتقد أن جذبني إليها هو تاريخ العلاجات الرائدة والقيمة الأساسية التي تنص على وضع احتياجات المريض على رأس قائمة الأولويات." وتلك الاحتياجات هي التي يلبيها دكتور بورشيل ليس فقط عن طريق الاستماع لمرضاه، بل بالإنصات الفعال لهم. وهي سمة انغرست فيه منذ أيام نشأته الأولى في موروبنا.

ما الذي يرغب دكتور بورشيل في أن يتذكره الناس به بخلاف كونه أول طبيب قلب من السكان الأصليين لأستراليا؟ يجيب: "بأنني كنت شخصًا عطوفًا، لكن من المهم لي أن أوضح أن هذا العطف يعبّر فعلاً عن القوة. فالتعامل بعطف يحتاج إلى صبر، ويحتاج إلى رحمة وكرامة وقوة. لهذا فهو عطف، ولكنه عطف ممزوج بالقوة. وهذا ما أحب أن يتذكرني الناس به."