شيفان تي بيتوك، حاصلة على بكالوريوس الطب والجراحة، طب الغدد الصماء لدى الأطفال بمايو كلينك: مرحبًا، معكم شيفان بيتوك، اختصاصية الغدد الصماء لدى الأطفال بمايو كلينك. أتحدث إليكم اليوم عن متلازمة برادر-فيلي، وهي اضطراب وراثي نادر يصيب واحدًا من بين كل 30 ألف مولود حي. وسببها هو نقص في تعبير الجينيات المشتقة نمطيًا على الكروموسوم 15q11. تسبّب هذه الحالة المَرضية ضعفًا شديدًا في التناسق العضلي وارتخاءً عضليًا لدى الأطفال الرضع الذين يواجهون سوء التغذية، ثم يُصابون لاحقًا بالسمنة نتيجة للشهية المفرطة، مع قِصَر في القامة وضعف في وظائف الغدد التناسلية. يتطلب هؤلاء الأطفال الرعاية من عدة أطباء من تخصصات فرعية، ويؤدي اختصاصيّ الغدد الصماء لدى الأطفال دورًا محوريًّا في إعداد خطة رعايتهم طوال مرحلتَي الطفولة والمراهقة. ويُعزى السبب في ذلك إلى أن هذه الحالة المَرضية ترتبط للأسف بالعديد من سرطانات الغدد الصماء. يكون هؤلاء الأطفال قصيري القامة. إذا تُركت متلازمة برادر-فيلي دون علاج، فإن متوسط الطول النهائي في مرحلة البلوغ لدى الذكور يصل إلى خمس أقدام وأربع بوصات (162 سم تقريبًا)، ولدى الإناث إلى نحو أربع أقدام، و11 بوصة (150 سم تقريبًا). ويرجع قِصَر قامتهم إلى نقص هرمون النمو وقصور الغدد التناسلية، وهم لا يشهدون طفرات النمو الطبيعية في مرحلة البلوغ.
اعتمدت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية العلاج بهرمون النمو لمعالجة متلازمة برادر-فيلي، وعادة ما يستجيب الأطفال له جيدًا. في البداية كانت دواعي الاستعمال لهذا العلاج مقتصرة على قِصَر القامة المرتبط بمتلازمة برادر-فيلي، ولكن منذ بدأنا استخدامه ونحن نكتشف أن فوائد العلاج بهرمون النمو لا تقتصر على تحسين الطول النهائي في مرحلة البلوغ. أما في الأطفال، فيحسّن هذا العلاج التناسق العضلي والنمو الحركي. وقد شهد الأطفال تحسّنًا في كثافة المعادن التراكمية للعظام، مع تحسّن في كتلة الجسم الخالية من الدهون مقارنة بكتلة الدهون. وأظهرت بعض الدراسات قصيرة الأمد على البالغين المصابين بنقص هرمون النمو أن هذا العلاج مفيد لزيادة كتلة الجسم الخالية من الدهون ولتناسق العضلات.
قصور الغدد التناسلية من الاضطرابات الكبرى في الغدد الصماء المصاحبة لمتلازمة برادر-فيلي. يصيب قصور الغدد التناسلية الذكور والإناث المصابين بمتلازمة برادر-فيلي. وهي سبب رئيسي لقصور الغدد التناسلية في كلا الجنسين، ولكن الذكور يُصابون بضعف أساسي في الخصيتين. ولذلك لا يبلغ هؤلاء الأطفال في العمر الطبيعي، ونحن نبذل قصارى جهدنا لمحاكاة مرحلة البلوغ الطبيعية من خلال استخدام الستيرويدات الجنسية بالتدريج. يُعطَى التستوستيرون للذكور عبر الجلد أو العضل، ويُعطَى الإستروجين للإناث عبر الفم أو الجلد. يستمر قصور الغدد التناسلية في أغلب الأحوال لدى هؤلاء المرضى في مرحلة البلوغ، وهو أيضًا يتطلب العلاج. وغالبًا لا يكون مستوى الإستروجين لدى الإناث منخفضًا على النحو المتوقع، وهذا بسبب السمنة. يحدث تحوّل في الأندروجينات بفعل إنزيم الأروماتاز، ولذلك لا تكون مستويات الإستروجين منخفضة على النحو المتوقع في الحالات الأخرى من قصور الغدد التناسلية. وفيما يتعلق بالخصوبة، فقد ظهرت الخصوبة في الإناث المصابات بمتلازمة برادر-فيلي، ولكن لا توجد تقارير عن حالات أبوّة لدى الذكور.
السُّمنة من المشكلات السريرية الكبرى التي تصيب مرضى متلازمة برادر-فيلي. فهؤلاء الأطفال في سن الرضاعة يكونون نحيلين بسبب سوء التغذية المرتبط بضعف تناسقهم العضلي، ولكن مع انتقالهم من الطفولة المبكرة إلى مراحل الطفولة المتقدمة، يتحسّن تناسقهم العضلي بدرجة تمكّنهم من الأكل، وتصبح شهيتهم أقوى بشكل ملحوظ. إذا تُرك الأطفال المصابون بمتلازمة برادر-فيلي دون إشراف، فإنهم يتناولون في المتوسط نحو ثلاثة أضعاف السعرات الحرارية التي يتناولها أقرانهم. ومع ذلك لا يقتصر سبب السُمنة على تناولهم سعرات حرارية زائدة، فتناسقهم العضلي الضعيف يؤدي إلى انخفاض في استهلاك الطاقة. للأسف، ثَبُت أن علاج السُمنة لدى المصابين بمتلازمة برادر-فيلي صعب للغاية. فقد أُجريت عدة تجارب دوائية لم تأتِ بفائدة حقيقية. وجرّبَت الجراحة على عدد محدود من المرضى، ولم تحقق هي الأخرى فائدة كبيرة، والسبب الرئيسي هو استمرار فرط الأكل أو النهم بعد العملية. في الواقع، لقد أظهرت التجارب الجراحية المتعلقة بمتلازمة برادر-فيلي ارتفاعًا كبيرًا في عدد المضاعفات بين هؤلاء المرضى، ما يحول بصفة عامة دون استخدامها.
وتشمل المضاعفات الشائعة التي تصيب مرضى متلازمة برادر-فيلي بعد جراحة علاج السُمنة: انثقاب المعدة بسبب النهم المستمر والأكل المتواصل، والثقب الذي يكون في موضع الجراحة. ولذلك فإن الركيزة الرئيسية للتغلب على السُمنة هي النظام الغذائي وممارسة الرياضة، فقد أثبتت بعض برامج التدخل الغذائي المكثّفة والمركَّزة فعاليتها.
هشاشة العظام من المشكلات المَرضية الأخرى التي تصيب هؤلاء المرضى. قد تعاود الإصابة بهشاشة العظام إلى عدة أسباب، فالأطفال الذين لديهم نقص في هرمون النمو يزيد احتمال إصابتهم بهشاشة العظام. ولديهم أيضًا قصور في الغدد التناسلية، وهو عامل خطورة إضافي يرتبط بهشاشة العظام. كما يكونون مصابين بضعف في التناسق العضلي، وهو عامل خطورة آخر يرتبط بهشاشة العظام. في مرحلة الطفولة، ما نحاول فعله هو علاج نقص هرمون النمو -إن وُجد- لعلاج قصور الغدد التناسلية، -إن وُجد- والتشجيع على ممارسة تمارين حمل الأوزان على قدر استطاعة المريض. ونرى أيضًا أن الجرعة المناسبة من الكالسيوم وفيتامين D ضرورية، كما هو الحال مع أي مراهق آخر. في مرحلة البلوغ، ينبغي الفحص للتأكد من عدم الإصابة بهشاشة العظام، وإذا كانت الكثافة المعدنية للعظام أقل من المتوقع أو كانت آخذة في التناقص، فعلى الأطباء أن يفكروا إمّا في استخدام العلاج بهرمون النمو إذا كان لدى المريض نقص فيه، وإمّا في علاج قصور الغدد التناسلية.
بعد استخدام هرمون النمو لعدة سنوات، ظهرت تقارير حالة متعددة عن الموت المفاجئ بين الأطفال المصابين بمتلازمة برادر-فيلي الذين كانوا يتلقون العلاج بهرمون النمو، ويحدث هذا عادة نتيجة الإصابة بمرض طفيف في الجهاز التنفسي العلوي. وكان هذا مدعاة للقلق الشديد. من الواضح أنه قد انتشرت حالة من القلق من أن هرمون النمو يزيد من خطر الموت المفاجئ. في الحقيقة، لم تتوفر أي بيانات آنذاك عن معدلات متلازمة الموت المفاجئ، ويبدو أنها تظهر في بيانات جُمعت لاحقًا تشير إلى أن هؤلاء الأطفال معرضون بشكل أكبر لخطر الموت المفاجئ. بحثًا عن أسباب الموت المفاجئ، أُجريَت دراسات على النوم وكشفت عن أن هؤلاء الأطفال لديهم معدلات عالية جدًا من انقطاع النفس وضيق التنفس، وكلاهما حالتان مركزيتان وانسداديتان. وعند إجراء دراسات قبل العلاج بهرمون النمو وبعده، تبين أن هرمون النمو لا يسبّب أي تفاقم في اضطراب التنفس النومي. ونظرًا للارتفاع الشديد في معدل اضطراب التنفس النومي لدى مرضى متلازمة برادر-فيلي، نرى أنه من الضروري تقييم هؤلاء الأطفال على يد اختصاصيي النوم، وقد استفاد العديد من مرضى متلازمة برادر-فيلي لدينا من الضغط الهوائي الإيجابي المستمر (CPAP) أو الضغط الموجب ثنائي المستوى في مجرى التنفس (BiPAP).
خلال البحث عن الأسباب المحتملة للموت المفاجئ في مرضى متلازمة برادر-فيلي، نشأ القلق من أن هؤلاء الأطفال قد يكون لديهم قصور كظري بالإضافة إلى إصابتهم بالفعل بمشكلات وطائية أخرى، وقد كشفت العديد من الدراسات المُصغَّرة عن ارتفاع كبير في معدل الفشل في اختبار ميتيرابون، ما يشير إلى أن لديهم درجة من درجات القصور الكظري. ولم تُجرَ دراسات أوسع نطاقًا حتى الآن، ولكن يبدو قطعًا أن هذا العلاج منخفض المخاطر وله فوائد عظيمة محتملة، ولذلك أدعو إلى علاج الأطفال المصابين بمتلازمة برادر-فيلي بجرعة إجهاد من الستيرويدات خلال الأمراض المتزامنة.
ورغم أن هرمون النمو أصبح معتمدًا من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية لعلاج قِصر القامة لدى مرضى متلازمة برادر- فيلي في البداية، فإن المزيد من الدراسات الحديثة التي أُجريت منذ بدأنا استخدامه أظهرت أن فوائد هرمون النمو لا تقتصر على تعزيز طول القامة فقط. ففي الأطفال، يعمل هذا العلاج أيضًا على تحسين التناسق العضلي والنمو الحركي. وهو يحسّن أيضًا كثافة العظام ويزيد الكتلة الخالية من الدهون ويرفع نسبة الدهون في الجسم. وتشير عدة دراسات قصيرة الأمد أُجريت على البالغين المصابين بمتلازمة برادر-فيلي ولديهم نقص في هرمون النمو إلى زيادة الكتلة الخالية من الدهون وتحسّن في الكثافة المعدنية للعظام. وبناءً عليه، أصبح هرمون النمو وسيلة بالغة الأهمية من وسائل علاج مرضى متلازمة برادر-فيلي الذين ينتابهم القلق حيال طولهم النهائي في مرحلة البلوع، بالإضافة إلى العديد من الفوائد الأخرى المحتملة.
بإيجاز، متلازمة برادر-فيلي هي مشكلة مَرضية معقدة. وهناك العديد من المشكلات الغدد الصماء التي ترتبط بهذا الاضطراب، ويحتاج هؤلاء الأطفال المصابون بهذه الحالة إلى المتابعة مع اختصاصيين في الغدد الصماء لدى الأطفال خلال مرحلة الطفولة، إلى جانب مجموعة من الأطباء في تخصصات فرعية أخرى.