مارثا غروغان، طبيبة في قسم طب أمراض القلب والأوعية الدموية في مايو كلينك: مرحبًا! أنا الدكتورة مارثا غروغان، وأعمل طبيبة قلب في مستشفى مايو كلينك، واليوم أود أن أناقش معكم بعض المعلومات المتعلقة بحالة مَرَضية تسمى الداء النشواني القلبي. وإذا كنت تشاهد هذا، فمن المحتمل أن يكون ذلك بسبب تشخيصك أنت أو شخص قريب منك بالإصابة بالداء النشواني القلبي. وهذا أمر مخيف للغاية، لكن لا يمكنك فعلاً التغلب على أي مرض حتى تفهم طبيعته. لذلك أهدف اليوم إلى استعراض ما يحتاج كل مريض إلى معرفته عن الداء النشواني القلبي. في البداية، ما المقصود بالأميلويد؟ كيف يؤثر في قلبك؟ سأوضح الفحوصات التي تحتاج إليها لتقييم حالة القلب بشكل أساسي، ماذا تعني كل تلك الأرقام؟ وما الخيارات العلاجية المتاحة إذا كنت مصابًا بالداء النشواني القلبي؟

الأميلويد هو داء يُعرف باسم خلل تطوِّي البروتينات. فهناك بروتينات قابلة للذوبان بطبيعتها في مجرى الدم، ولمجموعة متنوعة من الأسباب تصبح هذه البروتينات غير قابلة للذوبان وتترسب بشكل غير طبيعي في الأنسجة والأعضاء في جميع أنحاء جسمك. ويمكن أن تترسب في الكلى والجهاز المعوي وأربطة النفق الرسغي والقلب وأجزاء أخرى من الجسم.

فلماذا يحدث ذلك؟ حسنًا، هناك ثلاثة أنواع رئيسية من الأميلويد يمكنها بالفعل التأثير في القلب، وهناك أكثر من 20 بروتينًا يمكنها تكوين الأميلويد، لكن ثلاثة منها فقط يمكنها التأثير في القلب. لذا سنتحدث أولاً عن هذه البروتينات الثلاثة. يُسمى النوع الأول بالأميلويد خفيف السلسلة. وهو الغلوبولين المناعي، وهو بروتين يُصنع بشكل طبيعي لمكافحة العَدوى. لكنك تمتلك خلايا شاذة في نخاع العظم تُفرط في إنتاج تلك السلاسل الخفيفة، وتتشكل هذه السلاسل لتكوّن فيما بعد بروتين الأميلويد الذي يترسب في أعضاء الجسم وأنسجته. لذا في هذه الحال، تكون المشكلة الرئيسية في الخلايا الموجودة في نخاع العظم التي تفرط في إنتاج السلاسل الخفيفة. وفي الغالب، يؤثر نوع الأميلويد خفيف السلسلة في عدة أعضاء بالجسم. حيث يمكنه التأثير في القلب والكلى والسبيل المَعدي المَعوي والجهاز العصبي.

والنوع الرئيسي الآخر من الأميلويد الذي يمكن أن يترسب في القلب هو أميلويد البروتين الناقل للثايروكسين والريتينول، وقد سُمِّي باسم البروتين الموجود في أجسامنا جميعًا. وهو مسؤول عن نقل الهرمون الدرقي والريتينول (فيتامين A). وهذا سبب تسميته بالبروتين الناقل للثايروكسين والريتينولن. وهناك نوعان من أميلويد البروتين الناقل للثايروكسين والريتينول يمكنهما التأثير في القلب. النوع الأول هو ما يُسمى بالأميلويد الوراثي أو يُسمى أحيانًا بالأميلويد العائلي، وفي ذلك النوع يكون الفرد مصابًا بطفرة تجعل البروتين غير طبيعي. لذا يتميز البروتين الناقل للثايروكسين والريتينول ببنية مختلفة تجعله غير مستقر، ويميل إلى تكوين لُييفات الأميلويد التي تترسب بعد ذلك في جميع أنحاء الجسم. يؤثر الشكل الوراثي من أميلويد البروتين الناقل للثايروكسين والريتينول في الأعصاب في معظم الأحيان وقد يسبب اعتلالاً عصبيًا، أو يؤثر في القلب، أو في كليهما أحيانًا. ويُسمى النوع الثاني من أميلويد البروتين الناقل للثايروكسين والريتينول بالنوع العام. كما كان يُسمى سابقًا بالنوع الشيخوخي، لكن الكثير من مرضانا أكثر رضا عن تسميته بالنوع العام بدلاً من الشيخوخي. وقد يُطلق عليه أيضًا اسم أميلويد البروتين الناقل للثايروكسين والريتينول المرتبط بالعمر. وهذه حالة غامضة للغاية يكون فيها البروتين طبيعيًا بالفعل، فهو بروتين طبيعي يوجد لدينا جميعًا. لا يمكننا العثور على أي طفرة أو تركيب جزيئي غير طبيعي، لكن لأسباب غامضة يحدث خلل تطوٍّ لهذا البروتين ويُكوِّن مادة الأميلويد التي تترسب في القلب. وفي هذا النوع من الأميلويد يتأثر القلب وأربطة النفق الرسغي فقط، ويقتصر تأثيره عادةً بشكل شبه حصري على الرجال الذين تزيد أعمارهم على 60 عامًا. إذًا، فإن ما يحدث عندما يُصيب الأميلويد القلب هو نفسه ما يحدث في جميع تلك الأنواع الثلاثة، سواء كان الأميلويد خفيف السلسلة أو أميلويد البروتين الناقل للثايروكسين والريتينول الوراثي أو النوع العام. لكن الأمراض نفسها لديها مكونات أساسية مختلفة للبروتين، ما يجعلها تتخذ سلوكًا متباينًا للغاية.

سأعرض عليكم الآن بعض الصور عن كيفية التأثير الفعلي لهذا البروتين في القلب؟ ماذا تفعل تلك الأنواع من الأميلويد وكيف تؤثر في وظائف القلب؟ يبلغ حجم القلب حجم قبضة اليد تقريبًا، وهو يوجد في الجانب الأيسر من الصدر، وينقسم إلى حجرات علوية وسفلية.. وبالتالي، لديك حجرتان علويتان. هنا يقع الأذين الأيمن والأذين الأيسر، ويسميان بالأذينات. وهما في الأساس حجرتا تجميع، ولا تضخان الكثير من الدم. كما تسمى الحجرتان السفليتان بالبُطينات، وهما الغرفتان اللتان تضخان الدم إلى جميع أنحاء الجسم. يضخ البطين الأيمن الدم إلى الرئتين ليحصل على الأكسجين، أما البطين الأيسر فهو حجرة الضخ الرئيسية بالقلب التي تضخ الدم إلى باقي أجزاء الجسم. لذا عندما يعود الدم من الرئتين محملاً بالأكسجين، يدخل إلى الحجرة العلوية على الجانب الأيسر أي الأذين الأيسر، ثم يمر عبر صمام. ويحتوي القلب على أربعة صمامات، تفتح وتغلق فقط للمحافظة على استمرار تدفق الدم في الاتجاه الصحيح. وبعد ذلك ينتقل الدم إلى البطين الأيسر، وعندما ينقبض البطين الأيسر يرسل الدم إلى الخارج عبر هذا الصمام الأورطي إلى الشريان الأورطي (وهو الوعاء الدموي الرئيسي في الجسم) حتى يمكن للدم الصعود إلى الدماغ ثم ينزل إلى بقية أجزاء الجسم، وإلى الكلى والساقين وكل الأعضاء المختلفة لتزويدها بالأكسجين، وهو الوقود الذي نحتاج إليه جميعًا.

لذا فإن ما يحدث في حالة الداء النشواني القلبي هو زيادة سُمك جدران القلب، خصوصًا الحجرات السفلية، أكثر مما ينبغي. ونرى هنا أن جدران كل من البطينين الأيمن والأيسر أكثر سُمكًا بكثير، وهذا بسبب الإصابة بالداء النشواني. لكن لماذا يحدث ذلك حقًا؟ هذا الأمر مثير جدًا للاهتمام، فلا يعني ذلك زيادة الكتلة العضلية في القلب، بل يعود السبب لوجود هذه المادة التي تُسمى بالداء النشواني. لذا إذا تمكنا من رؤية عضلة القلب تحت المجهر، أي إذا أخذنا جزءًا من عضلة القلب الطبيعية للفحص تحت المجهر، فسنرى أن هناك خلايا عضلية قلبية منفردة رائعة ومرتبة بأسلوب منظَّم ومترابطة مع بعضها بإحكام. ومن المثير للاهتمام أن كل واحدة من هذه الخلايا تنقبض فعليًا، وعندما تتقلص جميعها فإنها تجعل القلب ينضغط ويضخ الدم في جميع أجزاء الجسم. لكن في حال الإصابة بالداء النشواني، يزداد سُمك جدران القلب أكثر مما ينبغي. ويمكنك ملاحظة أن سبب ذلك ليس زيادة عدد الخلايا العضلية، بل في الحقيقة تتعطل الخلايا العضلية، ويحدث ذلك بسبب البروتين غير الطبيعي الناتج عن الداء النشواني الذي يترسب بين الخلايا العضلية القلبية. هنا نلاحظه ما نسميه لُييفات الأميلويد التي تتكون من بروتينات غير طبيعية حدث لها خلل في الطيّ، وبعد ذلك تدخل بين خلايا القلب وتسبب خللاً وظيفيًا. في الطبيعي يجب أن يكون القلب مطاطيًا إلى حد ما، أي يكون مرنًا. وعندما تسترخي عضلات القلب فإنه يتمدد، ثم ينقبض وينضغط. لكن عندما يتسلل الداء النشواني إلى القلب، يكون أكثر تصلبًا عن الحد الطبيعي. لذا فإن المشكلة الرئيسية لدى معظم مرضى الداء النشواني القلبي ليست بالضرورة ضعف القلب، بل زيادة سُمك جدرانه وقلة مرونتها. لذلك يصعب امتلاء القلب بالدم، وعندما لا يحصل القلب على القدر الكافي من الدم، لا يتوفر لديك ما يكفي من الدم لإرساله إلى جميع أجزاء الجسم. وهذا يؤدي إلى حالة مرضية تسمى فشل القلب، وهي حالة لا يتوفر فيها القدر الكافي من الدم لتلبية احتياجات الجسم، حينها يتراكم الضغط داخل القلب متسببًا في متلازمة فشل القلب الاحتقاني. لذلك نلاحظ هنا مرة أخرى المظهر الطبيعي للقلب السليم في حين أن هذه هي عضلة القلب المصابة بالداء النشواني.

أتمنى أن تكون هذه الصور مفيدة لكم في توضيح القليل عن الداء النشواني القلبي وكيفية حدوثه. وفي جزء آخر، سنتحدث عن الفحوص التي نستخدمها لتشخيص الداء النشواني القلبي والخيارات العلاجية المتاحة.

27/09/2024