يمكن علاج السرطان بالطب النووي حيث يمكن استخدامه مع الخيارات العلاجية الأخرى أو بعدها، كالعلاج الكيميائي والإجراءات الجراحية. إذ لا يؤدي عادةً إلى الشفاء ما لم يُستخدَم مع وسائل علاجية أخرى. ولكن سيسيطر هذا العلاج على الأعراض لدى العديد من المرضى، فضلاً عن تقليص الأورام وإيقاف نموها لسنوات في بعض الأحيان. ويُعد العلاج بالطب النووي أحيانًا خيارًا مثاليًا للمرضى الذين توقفت حالاتهم عن الاستجابة للعلاجات الأخرى.
وتكمن فعالية العلاج بالطب النووي في استخدام الجزئيات الإشعاعية لتعمل عمل الدواء (العلاج الإشعاعي الجزيئي). حيث يعمل الدواء على رصد الخلايا السرطانية. إذ يُحقن من خلال الوريد، ثم ينتشر عبر الجسم ليلتصق بالخلايا السرطانية، ويبث الإشعاع داخلها مباشرةً للقضاء عليها. ولكن تظل بعض جزيئات الدواء حرة طليقة في الدم، فلا تلتصق مطلقًا بالخلايا السرطانية ليتخلص الجسم منها غالبًا في نهاية المطاف من خلال البول. ومع مرور الوقت، يتوقف الدواء الإشعاعي عن إطلاق الموجات الإشعاعية؛ ما يعني عدم القضاء على المزيد من الخلايا السرطانية. ولتحقيق أقصى استفادة، غالبًا ما يتكرر العلاج بالطب النووي عدة مرات.
يُطلَق أيضًا على العلاج بالطب النووي عدة تسميات، وهي العلاج باستهداف مستقبِلات الببتيدات بالنُّوكليدات المُشِعَّة والعلاج الإشعاعي الاستهدافي والعلاج بالنُّوكليدات المُشِعَّة والطب النووي العلاجي، فضلاً عن النهج التشخيصي العلاجي لعلاج السرطان.
اصبح الآن بإمكان المرضى المصابين بأورام الغدد العصبية الصماء NETs، بما في ذلك أورام البنكرياس النادرة، الحصول على علاج مستقبِلات الببتيدات بالنُّوكليدات المُشِعَّة بشكل أيسر من ذي قبل، وذلك عَقِب موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية الصادرة في يناير 2018 على دواء وهو لوتيتيوم لو 177 دوتاتات (لوتاثيرا). ولا غنى عن هذا الخيار العلاجي نظرًا لانتشار الأورام العصبية الصماوية NETs في الجسم على نحو يصعُب معه إزالتها بالجراحة.
ما يمكنك توقعه
فور تشخيص حالتك والتشاور مع فريق الرعاية الصحية والاتفاق على أن العلاج بالطب النووي هو الخيار العلاجي المثالي لحالتك، سيُحدَّد موعد لبدء تلقّي العلاج. وقد يستغرق بدء العلاج ما يقرب من الشهر حتى تُستكمَل اختبارات الدم وفحوصات التصوير، وتعديل جرعات الأدوية وتغييرها، والاستعداد لتلقّي العلاج. وعادةً ما يتم العلاج على مدار أربع جلسات للحقن بمعدل جلسة واحدة كل ثمانية أسابيع.
كما يتلقّى المريض العلاج في العيادات الخارجية. وضع في اعتبارك أنك قد تمكث في المستشفى حتى ثماني ساعات في كل مرة. وعند وصولك إلى المستشفى، سيتولى رعايتك فريق من الاختصاصيين من ذوي المهارات الفائقة لتقديم خطة علاج آمنة وفعالة.
كما ستتلقى أدوية لتقليل الشعور بالغثيان قبل بدء العلاج. ثم يُدخل أنبوب صغير (قِسطار) في الوريد بأحد ذراعيك حيث يستقبل قطرات من محلول حمض أميني لحماية الكُلى. ويتدفق هذا المحلول لمدة نحو 30 دقيقة قبل بدء تلقّي الدواء المخصص لاستهداف الخلايا السرطانية والقضاء عليها (لوتاثيرا).
وبعدها يتدفق دواء لوتاثيرا عبر الوريد لمدة تتراوح بين 30 و40 دقيقة. ثم ستستأنف تلقّي محلول الحمض الأميني لمدة تُقارب 3 ساعات. وبمجرد إزالة أنبوب القسطرة، يمكنك مغادرة المستشفى.
وضع خطة علاجية بالطب النووي تناسب حالتك
لا يصاب شخصان بالسرطان أو يستجيبان للعلاج بالطريقة نفسها. وفي معظم الحالات، تتحسن الأعراض بعد الجرعة الثانية. يأخذ فريق الرعاية الصحية في الحسبان العديد من العوامل عند وصف العلاج بالطب النووي ويعدله بمرور الوقت.
وبعد كل جلسة حقن، قد يُطلب منك الخضوع لفحص التصوير المقطعي المحوسب بالفوتونات المفردة. إذ يقيس هذا الفحص مقدار علاج الطب النووي الملتصق بالخلايا السرطانية ومدى سرعة ترك الدواء لجسمك. وهذه المعلومات يسترشد بها أعضاء فريق رعايتك عند اختيار توقيت ومقدار العلاج الذي سيقضي على السرطان ولتجنب الآثار الجانبية.
وبعد الانتهاء من العلاج، سيطلب منك الطبيب العودة بانتظام لإجراء زيارات المتابعة التي قد تشمل المزيد من اختبارات الدم والأشعة.
الآثار الجانبية المحتملة
من الممكن حدوث آثار جانبية، وهي تعتمد على العلاج المحدد لك وعلى حالتك الطبية. وقد كان الشعور بالغثيان عند تلقي العلاج بالطب النووي شائعًا فيما سبق، ولكن لم يَعُد الأمر كذلك الآن. وقد يستمتع الكثير من المرضى بتناول الطعام أثناء تلقي العلاج. وقد يتعرض البعض لتساقط الشعر، لكن لا يتجاوز ذلك عادةً خصلات قليلة، ويعود الشعر للنمو مرة أخرى.
ونادرًا ما يصاب الشخص الذي خضع للعلاج بالطب النووي بسرطان الدم بعد شهور أو حتى سنوات من تلقي العلاج.
جديرٌ بالإشارة أنه إذا كان الشخص مسافرًا بعد تناول دواء لوتاثيرا، فقد يضطر إلى تأجيل موعد السفر. فتحدث إلى طبيبك حول مزايا هذا العلاج ومخاطره.
تحديد ملاءمة الطب النووي لحالتك
سيَدرس فريق الطب النووي عدة عوامل قبل وصف هذا النوع من العلاجات لحالتك المرضية. يحتمل أن يأخذ الأطباء صورة مقطعية بالإصدار البوزيتروني (PET) للتأكد من ملاءمة العلاج النووي لحالة السرطان لديك.
عند الحاجة لأخذ صورة مقطعية بالإصدار البوزيتروني، سيحقن الأطباء المريض بنمط مشابه للدواء الذي سيستخدم لاحقًا في العلاج النووي. يعوم الدواء في الدم وينتقل خلال الجسم. فإذا التقى الدواء مع خلايا سرطانية، فإنه يعلق بها. لكن هذا النمط من الدواء لا يقتل الخلايا السرطانية. وبدلًا من ذلك، فإنه يبث نشاطًا إشعاعيًا ضئيلًا.
سيسجل الماسح البوزيتروني النشاط الإشعاعي ثم يحوّل المعلومات إلى صورة ثلاثية الأبعاد لكامل الجسم، وسيتمكن الأطباء من خلالها من معرفة أماكن اختباء السرطان. يمكن للمسح البوزيتروني أن يظهر ما إذا كان الدواء سيلتصق بالخلايا السرطانية كما هو متوقع. ويَستنتج الأطباء من خلال هذه الطريقة ما إذا كان الطب النووي ملائمًا لحالة المريض.
الخيارات العلاجية الأخرى
سيساعدك أطباء مايو كلينك على مراجعة جميع خياراتك العلاجية واختيار العلاج المناسب لاحتياجاتك وأهدافك. وعادةً ما تتلقى العلاج بالطب النووي وحده، ولكن يمكن دمجه مع العلاجات الأخرى التي يقدمها اختصاصيو الأورام أو اختصاصيو الأورام بالإشعاع أو اختصاصيو الأشعة التدخلية:
يتوفر العلاج النووي في ثلاثة من مواقع Mayo Clinic.
في معظم الحالات، يُحال المريض عن طريق أحد الأطباء إلى الفريق المتخصص في العلاج النووي. استشر طبيبك بشأن ملاءمة هذا الخيار العلاجي لحالتك. وتعتمد الأهلية لهذا العلاج على عدة عوامل مرتبطة بالورم نفسه والصحة العامة للمريض.
وقد يفحصك الأطباء في أحد مقرات العيادة الرئيسية في فينيكس/سكوتسديل في ولاية أريزونا، أو جاكسونفيل في ولاية فلوريدا، أو روتشستر في ولاية مينيسوتا. وتتوفر في كل من هذه المواقع الخبرات والتقنيات اللازمة لتوجيهك أثناء العلاج بالطب النووي. وتتوفر في كل المواقع أجهزة سيكلوترون ومختبرات كيمياء إشعاعية للتصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET) وصيدليات للأدوية النووية المشعة. حيث أن جميع هذه التقنيات ضرورية للعلاج النووي ولإنتاج الأدوية اللازمة للتصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني وكذلك التصوير المقطعي المحوسب بالفوتونات المفردة (SPECT). كما تتوفر في كل المواقع أجهزة تصوير حديثة جدًا، منها: أجهزة PET/CT و PET/MRI و SPECT/CT.
السيكلوترونات هي مسارعات جُزيئات تُنتِج ذَرّات نشطة إشعاعية (نويدات مشعة). ويَدمج المختصون هذه الذرات في أدوية معينة ويختبرون جودتها وسلامتها حسب تشريعات إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA). ويَصنع الخبراء هذه الأدوية مباشرة في المختبر بطريقة مناسبة لحالة كل مريض بعينه.